تقي الدين تاجي –
سال مداد كثير بعبارات المدح والإطراء والتهليل، تزامنا مع وصول الملياردير عزيز أخنوش زعيم حزب التجمع الوطني للاحرار، الى رئاسة الحكومة.
مؤثرون، كتاب، وأشخاص محسوبون على الاعلام، ومواقع “كهربائية”، اتفقت جميعها على “كهربة” كل من ينتقد هاته الحكومة، في مقابل تبجيلها و “تقرقيب سوارت الربح” لرئيسها.
وإذا كان من حق الجميع تبني الخط التحريري الذي يناسبه، في إطار حرية التعبير المكفولة بموجب الدستور، فإن الأمر يبدو مثيرا للريبة، عندما يتفق الجميع على عزف “نغمة” واحدة، و “لحن واحد”، بما يوحي وكأن هناك توجها عاما، للهتاف لأخنوش، وقذف معارضيه بالطماطم الفاسدة.
الظاهر أن الإعلام في المغرب، بلغ منحدرا خطير، بعدما أضحى التطبيل هو السلعة الإعلامية الرائجة في غالب الأحيان، بما لا يسهم في تعزيز بيئة إعلامية قائمة على التعددية، والتنوع في الأراء ووجهات النظر.
ويكفي عقد مقارنة بسيطة، بين ما كان يُكتب ويُنشر من انتقادات لاذعة وجارحة، وغير موضوعية احيانا، خلال فترة حكومة العدالة والتنمية، مع ما بات يُكتب وينشر اليوم خلال فترة حكومة أخنوش، وكيف تحول كثيرون الى “محامين شرسين” يدافعون عن الحكومة ورئيسها، ويتضامنون معه “تضامنا مطلقا وغير مشروط”، حتى وإن “طبز لها العين نهارا جهارا”، مثلما فعل في أكثر من مناسبة.
الحقيقة أنه لا مانع، من الاشادة بما قد تحققه حكومة أخنوش، من انجازات، لكن أن تتحول أغلب الجرائد والمواقع الالكترونية، الى “مزامير” و “بنادير” مهمتها الوحيدة “التطبيل” لأخنوش، ونظم قصائد “المديح والسماع” في كل ما يصدر عن “جنابه”، لن يخدم بأي حال التجربة الديمقراطية في المغرب.
ولعل ما ينطبق على هاته المنابر، ينطبق أيضا على بعض المحللين، الذين تحولوا بدورهم الى “مهللين”، مستبدلين الحاء بالهاء، يشغلون مساحات كبيرة في البرامج الاذاعية والتلفزية، والحوارات المصورة، أقلامهم وحناجرهم، متأهبة في كل وقت وحين، لتأييد “حكومة أخنوش”، ووضع مساحيق التجميل، من “كْريم الأساس” و”بودرة الفوندوتان” على وجهها، لاخفاء بعض العيوب.
ما نراه اليوم مؤسف جدا، في ظل ندرة المواد الاخبارية الموضوعية، التي تضع عمل الحكومة ووزرائها، تحت مجهر النقد الموضوعي، و اقتصار الغالبية على تسخير أقلامها وتوجيه كاميراتها صوب “تبجيل رئيس الحكومة” والتصفيق لمنجزاته، في مقابل الصمت المطبق على أخطائه، بشكل يفرغ العمل الصحافي من محتواه ومغزاه.
هكذا أصبحت الصحافة المغربية، بين سندان المسؤول الذي استعار لسانها “للزقزقة” حسب هواه، ومطرقة قلة المقروئية، والمواطن الذي لا يهتم بالقراءة أصلا، وبذلك يكون الجسم الصحافي معرض للإغراء وبوقا لجهات تؤمن له الطريق للاستمرار وتضمن له البقاء ولو على حساب “التنكر لأدواره الاعلامية” المتمثلة في تنوير الرأي العام.
والحال أنه يتعذر الفهم، كيف يمكن للبعض، إمطار هاته الحكومة بالمديح بإفراط شديد، تزامنا مع أزمات متوالية تعصف بالمواطن، الذي وجد نفسه هو الآخر مضطرا للتمايل على أنغام “جوقة التطبيل”، حاله كحال الديك الذي ينط “فوق البستيلية” في جامع لفنا ، من حرارة “المجمر الزاند في أسفلها”، بينما يعتقد كل من يراه أنه يرقص على أنغام “الغياط” ومول البندير.
ولأجل ذلك نقول لهؤلاء : طبلوا غير بشوية يرحمكم الله، فاللحن الرديئ يؤذي الأسماع !