سمير زرق العين
تستحوذ قضايا الرعاية الصحية وتوفير الخدمات الطبية على اهتمام عام وشامل، حيث تعد قاعدة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز جودة حياة المجتمع. في هذا السياق، تسعى المملكة المغربية إلى تحسين وتطوير نظام الرعاية الصحية من خلال مشروع التغطية الصحية الشاملة.
تأتي هذه المبادرة في سياق التطلعات الوطنية لتحسين جودة الخدمات الصحية وضمان وصول المواطنين إلى رعاية صحية ذات مستوى عالٍ. إلا أن التحول نحو نظام صحي مستدام وشامل لا يخلو من تحديات تستدعي التفكير الاستراتيجي والتدابير العاجلة.
ضمن هذا الإطار، رصد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في تقريره السنوي الأخير مجموعة من التحديات التي تعترض نجاح مشروع التغطية الصحية الشاملة في المغرب. يشير التقرير إلى وجود عقبات متنوعة، تتراوح من قلة الأطر الصحية إلى الممارسات غير المشروعة ومطالب المرضى بأداء مبالغ غير مبررة.
تحديات التغطية الصحية:
من أبرز التحديات التي تواجه مشروع التغطية الصحية هو نقص حاد في أعداد مهنيي الصحة، والذي تفاقم مع الأزمة الصحية العالمية. يتوقع المجلس أن يتسارع هذا النقص في السنوات القادمة، ويشدد على أهمية تعزيز مؤسسات التكوين لضمان تخريج أعداد كافية من الخريجين.
أهمية الرأسمال الطبي وضرورة التمويل المستدام:
يشير التقرير إلى أن ضمان استدامة التمويل يعتبر أمرًا حاسمًا لنجاح مشروع التغطية الصحية. يلعب توفير الرأسمال الطبي دورًا حاسمًا في تحسين الخدمات الصحية. يدعو المجلس إلى إحداث تغييرات في هجرة الكفاءات الصحية، ويشدد على أهمية تحفيز وتشجيع الكوادر الطبية، بالإضافة إلى تقليص مدة التكوين وتخفيف المهام الإدارية.
تحديات الولوج والانتظار:
تشير المعطيات إلى أن النقص في مهنيي الصحة يؤدي إلى صعوبات في الولوج للعلاجات، مما يؤثر سلبًا على تجربة المراجعين. فترات الانتظار الطويلة تعكس نقصًا في الخدمات الصحية، مما يعكسه مؤشر ثقة الأسر، حيث يظهر أن جودة الخدمات الصحية شهدت تدهورًا واسعًا.
الممارسات غير المشروعة:
تقرير المجلس حذر أيضا من الممارسات غير المشروعة في القطاع الصحي، بما في ذلك اتفاقات استقطاب المرضى والمكافآت غير المدرجة في الفواتير. التقرير شدد على أهمية إجراء مراجعة شاملة للتعريفات وتعزيز عمليات المراقبة للوقاية من أي تجاوزات.
التوصيات والإجراءات المقترحة:
اختتم المجلس تقريره بتوصيات هامة، منها تعزيز إمكانيات التناوب والحركية المهنية، ورفع الأجور وتعزيزها بتعويضات مرتبطة بالأداء، وإعادة النظر في نماذج التكوين، وتعزيز جاذبية المهنة، وزيادة عدد الخريجين.
وفي ظل هذه التحديات الكبيرة، يتعين على الحكومة والجهات المعنية اتخاذ إجراءات فورية لتحسين البنية الصحية وضمان توفير الخدمات الصحية الجيدة والمستدامة للمواطنين، وتحفيز الكوادر الصحية وتوفير التمويل اللازم لضمان نجاح مشروع التغطية الصحية الشاملة.