تقي الدين تاجي
تعتبر استضافة كأس العالم لكرة القدم حدثًا كبيرًا يجذب الأنظار إلى البلد المستضيف، ولكن ماذا عن الفوائد والمردودية الحقيقية لهذا الحدث الرياضي العالمي؟ هذا هو السؤال الذي سيسعى هذا التقرير للإجابة عنه.
المغرب يستضيف كأس العالم 2030 :
في قرارٍ تاريخي، وبعد خمس محاولات وملفات ترشيح تقدم المغربعلى مدى سنوات طويلة، أختيرت المملكة المغربية مع إسبانيا والبرتغال لتنظيم كأس العالم 2030. ورغم أهمية هذا الحدث الرياضي الكبير، فإنه يفتح أيضًا النقاش حول الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها المغرب، والتي تشمل التضخم والمديونية والبطالة.
واستضافة البطولات الرياضية الكبيرة، مثل كأس العالم، تأتي مع تكاليف ضخمة تفرض على الدول المستضيفة مسؤولية بناء ملاعب ومرافق ضخمة تُفيد في تنظيم البطولة.
التحديات الاقتصادية:
استنادًا إلى تجارب سابقة، فإن الكثير من الملاعب التي تم بناؤها لاستضافة بطولات كبيرة يمكن أن تتحول إلى مشروعات باهظة الثمن بعد انتهاء البطولة. تُعرف هذه الملاعب بالـ “الفيلة البيضاء” أو the White Elephants. مثلًا، ملعب Greenpoint في جنوب إفريقيا، الذي بني بتكلفة تبلغ 600 مليون دولار لاستضافة كأس العالم 2010، يتطلب مليوني دولار سنويًا للصيانة، وهذا دفع ببعض السكان إلى المطالبة بتدميره لتوفير الأموال.
البرازيل هي مثال آخر على هذه التجارب. على الرغم من نجاح كأس العالم 2014 في جذب السياح وعشاق كرة القدم، إلا أن تكلفة بناء وصيانة 12 ملعبًا للبطولة بلغت 3.6 مليار دولار، ولم تتمكن الحكومة حتى الآن من تسديد فاتورة هذه الدورة.
تجربة جنوب إفريقيا والبرازيل لم تشكل درسًا لروسيا. فمثلا، ملعب Krestovsky في سانت بطرسبرغ تأخر في الإنشاء وتعرض لتكلفات إضافية هائلة. وازدادت تكلفة الإنشاء بنسبة 548٪، لتصبح واحدة من أغلى الملاعب في التاريخ.
هذه التجارب تجلب الضوء على الضغوط الاقتصادية التي تواجه الدول المستضيفة لبطولات رياضية كبيرة. ومن المهم أن تأخذ الدول المستضيفة في اعتبارها التكاليف المتزايدة وتوفير استخدام مستدام لهذه الملاعب بعد انتهاء البطولة. يجب البحث عن حل مستدام للموازنة بين الاستثمار في البنية التحتية الرياضية وضمان استخدامها بشكل فعال بعد انتهاء الأحداث الرياضية الكبيرة.
ليس كل ما يلمع ذهبا
في نهاية المطاف، يظل الحلم بالاحتفال بكأس العالم من بين أهم أحلام عشاق كرة القدم في جميع أنحاء العالم، وهو حدث يجلب الفرح والتواصل الثقافي بين مختلف الشعوب. وعلى الرغم من كل التحديات والمخاوف المرتبطة بالاستضافة، يتوجب الحرص على الالتزام بتحقيق توازن حقيقي بين الاستفادة الاقتصادية والاستدامة.
على الجانب الآخر، يتوجب على الدول المستضيفة الاستفادة من الفرص التي تقدمها استضافة كأس العالم لتطوير البنية التحتية الرياضية والسياحية وزيادة الوعي العالمي بثقافتها وتاريخها. ومن الضروري أن تكون هناك معايير صارمة لتقدير الأثر الاقتصادي وضمان توجيه الاستثمارات بشكل فعال لمنح الفرص للمجتمعات المحلية.
ليس كل ما يلمع ذهبًا، والتأكد من أن الفوائد تصل إلى الناس هو التحدي الحقيقي.
الدروس المستفادة من التجارب السابقة يجب أن تشكل حافزا للمغرب كبلد من بلدان العالم الثالث، لإيجاد حل وسط يجمع بين روح المنافسة الرياضية والاستدامة الاقتصادية.
إن العالم ينظر إلى كل دورة جديدة لكأس العالم بترقب، ويجب على الدول المستضيفة أن تتخذ خطوات حكيمة للتأكد من أن الاحتفال العالمي باللعبة يترك أثرًا إيجابيًا ومستدامًا على اقتصادها ومجتمعها.